لطالما كانت عملية التصوير في البداية غريبة ولا تصدق لعامة الناس. رؤية الصورة التي كانت أمام أعينهم على الورقة التي كانت باللون الأبيض كان شيئا عجيبا مثل السحر. اعتقد عامة الناس أن هناك خدعة وأن هذه الأوراق عبارة مرايا بها ذاكرة وتحدثوا أيضا عن أفكار خرافية أخرى سرعان ما اتضحت لهم بالحقيقة والواقع. في هذه المقالة سنتحدث عن بدايات التصوبر الفوتوغرافي وكيف تم الوصول اليها ، بالاضافة الى ذلك سنتطرق الى موضوع بدايات التصوير في الوطن العربي.
تاریخ التصوير الفوتوغرافي
يمكن القول أن الكاميرا الفوتوغرافية بشكلها الحالي مستوحاة من الغرفة المظلمة التي استخدمها ابن هيثم في رصد الكسوف في القرن الخامس. وهي عبارة عن صندوق مظلم يحتوي على ثقب فقط يمر من خلاله الضوء ويخلق صورة مقلوبة وواضحة على السطح المقابل. بدأ تاريخ التصوير الفوتوغرافي العالمي من هذا الصندوق المظلم.
أطلق عبقري القرن السادس عشر ليوناردو دافنشي على هذا الجهاز Camera Obscura وأطلق على الفتحة الصغيرة في الصندوق اسم Pine Hole ليوناردو دافنشي. وقد كان الصندوق المظلم قادرا على جذب انتباه الرسامين ، واستخدمه الرسامون الإيطاليون لرسم مناظر طبيعية مفصلة.
في وقت لاحق ، تمكن عالم رياضيات يُدعى جيروم كاردان من زيادة دقة الصورة إلى حد كبير عن طريق تثبيت عدسة محدبة على فتحة الصندوق. ولم يكن من الممكن بعد طباعة تلك الصور
اكتشاف الورق الحساس للضوء
كان اكتشاف الورق الحساس للضوء نقطة تحول في تاريخ التصوير الفوتوغرافي. تغير تاريخ التصوير الفوتوغرافي في العالم مع اكتشاف الورق الحساس للضوء. وتم هذا الاكتشاف مثل العديد من الحالات الأخرى ، عن طريق الصدفة. حيث استخدم الكيميائي الألماني شولز نترات الفضة والجير.
اسودت جميع أجزاء الورقة نتيجة أشعة الضوء وبقي فقط الجزء الذي كان مغطة بالورقة على لونه الطبيعي. وكانت هذه الشرارة في الوصول الى المواد الحساسة للضوء.
في عام 1819 ، كان جون فريدريك أول شخص يكتشف المادة التي تثبت الصورة. وقد أحدث ثورة في تاريخ التصوير الفوتوغرافي في العالم.
تم تسجيل أول صورة حقيقية في العالم بواسطة جوزيف نيسيفور نيبس. كان مخترعا فرنسيا تمكن بين عامي 1822 و 1826 من التقاط صورة للأشجار أمام منزله على الورق. وقد كان هذا أول استخدام للورق الحساس للضوء.
من المثير للاهتمام معرفة أن الصورة التي تم التقاطهتا كانت من خلال ضوء الشمس المنعكس من فتحة الغرفة المظلمة ، والتي حدثت بعد حوال أكثر من 8 ساعات من التعرض لضوء الشمس. وبعد وفاة هذا المخترع الفرنسي ، واصل الرسام الفرنسي وصاحب المعرض عمله.
بداية التصوير الفوتوغرافي في العالم العربي
من الصعب جدا أن نجد تواريخا دقيقة في العالم العربي تعود للتصوير الفوتوغرافي ، ولكن التقطت أول صورة في الوطن العربي في مصر بحضور محمد علي باشا في 4 نوفمبر 1839 م أي بعد أربعة أشهر من إيداع آلة التصوير الأولى في أكاديمية العلوم بفرنسا، ومنها انطلقت أول مجموعة مصورين فرنسيين إلى الشام و فلسطين.
أدت الكتب المنشورة في أوربا و روسيا في عشرينيات وثلاثينيات القرن التاسع عشر التي تتحدث عن الرحلات والتي وصفت جمال الشرق وكذلك لوحات الرسامين التي تنقل هذا السحر، الى تحفيز أكثر المصورين على اكتشاف العالم العربي.
قام جورج سكين كيث في عام 1844 بتصوير مدينة البتراء التي كان قد نُشر عنها 4 كتب. واما جيمس جراهام فقد كان المصور الأول الذي أقام في القدس ، وقد افتتح استوديو بها في بدايات الخمسينيات من القرن 19 في عام 1855 م.
كلفت وزارة التربية الفرنسية المصور الفرنسي أوغسست سالزمان بمهمة يقوم من خلالها بدراسات تصويرية في القدس وما حولها ، وتم التقاط ما يقارب 174 صورة، طُبع بعضها في الكتاب الذي صدر في باريس في عام 1856 م. وقد نال ذلك المصور في ذلك الحين الجائزة الذهبية بسبب لقطاته البانورامية لمدينة القدس. ومنذ ذلك الحين بقيت القدس الوجهة الأولى للمصورين الأجانب لسنوات طويلة. وقد تم تقدير عدد المصورين الفوتوغرافيين الذين قاموال بالتصوير في القدس في القرن 19 بأكثر من 300 مصور.
وفي هذا الإطار لابد من الإشارة بشكل خاص إلى المصور الروسي المقيم في لوزان جابرييل دي رومين الذي رافق الدوق الروسي قسطنطين، ابن القيصر نيقولا الأول، في رحلته الى القدس خلال 1857- 1859 م. والذي التقط الكثير من الصور التي سرعان ما صدرت في باريس لتثير الاهتمام أكثر بالشرق.
وفي بيروت استقر المصور الفرنسي بونيفيس مع زوجته وابنه عام 1867 وأسس استوديو في حي باب ادريس لمدة أربعين عاما وقد كان من اهم استوديوهات التصوير في المنطقة. وقد كتب بونيفيس إلى الجامعة الفوتوغرافية الفرنسية أن لديه 591 صورة أصلية لمصر وفلسطين وسوريا ولبنان.
على الرغم من أن بونيفيس اضطر إلى العودة إلى فرنسا عام 1878 بسبب المرض ، الا أن زوجته وابنه أدريان قد بقيا في بيروت وعملا في الاستوديو الذي أصبح أرشيفا للصور الفوتوغرافية من الشرق.
أول مدرسة لتعليم التصوير في العالم العربي
كانت أول مدرسة لتعليم التصوير الفوتوغرافي في العالم العربي في مدينة القدس ، التي قام الأسقف الأرمني إساي جرابيديان بافتتاحها في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي ، والتي تخرج منها فنانينا.
أمضى جرابيديان شبابه في اسطنبول ، ثم انتقل إلى القدس عام 1844 م ، حيث بدأ دراسته ، ومكث في المدينة المنورة حتى عام 1859م ، وقضى تلك الفترة يجرب التصوير في كاتدرائية القديس جيمس للأرمن.
التصوير الفوتوغرافي الملون
تم استكشاف التصوير الفوتوغرافي الملون خلال القرن التاسع عشر ، لكنه لم ينجح تجاريا حتى منتصف القرن العشرين. قبل ذلك ، لم يكن من الممكن الحفاظ على اللون لفترة طويلة وكانت تتحلل الصور بسرعة. تم تسجيل براءة اختراع لعدة طرق للتصوير الفوتوغرافي الملون في عام 1862 من قبل اثنين من المخترعين الفرنسيين.
تم إجراء المحاولات الأولى لإنتاج صور ملونة باستخدام مرشحات الألوان ، لكن هذه الجهود لم تؤدي الى نتيجة. في عام 1855 ، اقترح الفيزيائي الاسكتلندي جيمس كلارك ماكسويل مفهوم التصوير الفوتوغرافي الملون بناء على مبدأ الألوان الثلاثة ، والذي ينص على أنه يمكن إنشاء أي لون من خلال الجمع بين الضوء الأحمر والأخضر والأزرق.
التقط توماس ساتون ، بتوجيه من جيمس كلارك ماكسويل ، أول صورة ملونة باستخدام ثلاث صور منفصلة بالأبيض والأسود في عام 1861. تم التقاط كل صورة بفلتر ألوان مختلف (أحمر وأخضر وأزرق) وعند تركيبها باستخدام مرشحات الألوان ، أظهرت الصورة المركبة تمثيلا لونيا للمشهد الأصلي.
طور الأخوان Lumière ، Auguste و Louis ، أول عملية تصوير بالألوان في عام 1907 ضمن عملية تسمى Autochrome. كانت العملية عبارة عن صفيحة زجاجية تستخدم حبيبات صغيرة من نشا البطاطس المصبوغ لإنشاء مرشحات لونية على المستحلب. تمتعت صور Autochrome بجودة فريدة وأصبحت مشهورة بين المصورين.
الختام
في الختام يجب القول بأن التصوير الفوتوغرافي لم يتم اكتشافه وإتقانه من قبل شخص واحد ، بل هو نتيجة جهود العديد من الأشخاص في مختلف المجالات واكتشافاتهم وابتكاراتهم عبر التاريخ. والتصوير الفوتوغرافي هو عبارة عن مهنة مثل فن الرسم والغناء. نأمل من خلال قراءة هذا المقال أن تكون قد اكتسبت فهما صحيحا عن تاريخ التصوير الفوتوغرافي وعن بدايات التصوير الفوتوغرافي في العالم العربي.
- متى تم إنتاج كاميرا التصوير والطباعة؟
أدت عملية التصوير الفوتوغرافي واستخدام الورق الحساس للضوء إلى إنتاج كاميرات التصوير ومرافق الطباعة في الأعوام 1838-1839 تقريبا.
- ما هو مصدر إلهام الكاميرا الفوتوغرافية؟
يمكن القول أن الكاميرا الفوتوغرافية بشكلها الحالي مستوحاة من الغرفة المظلمة التي استخدمها ابن هيثم في رصد الكسوف في القرن الخامس.