يصنّف الملحن النمساوي فولفغانغ أماديوس موزارت (Wolfgang Amadeus Mozart) كواحد من أهم الموسيقيين الذين عرفهم التاريخ، وقد برز الأخير خلال الفترة الكلاسيكية للموسيقى الغربية والتي امتدت أساساً ما بين عامي 1730 و1820. وعلى الرغم من حياته القصيرة، ألّف موزارت قطعاً موسيقية خالدة، ولعل أبرزها “الناي السحري” الذي ظهر عام 1791، وأوبرا كوزي فان توتي التي عرضت لأول مرة سنة 1790، وقطعة موسيقى الليل القصيرة لسنة 1787، وزواج فيغارو التي كانت أوبرا من تأليف موزارت سنة 1786 وقداس الموت عام 1791.
ولد فولفغانغ أماديوس موزارت يوم 27 يناير 1756 بمدينة سالزبورغ النمساوية لعائلة تميزت بسجلها الفني الحافل، حيث كان والده ليوبولد موزارت عازف كمان بارعاً، وواحداً من أهم موسيقيي المنطقة. ومنذ طفولته المبكرة، أظهر فولفغانغ أماديوس موزارت علامات العبقرية، حيث أبدى الأخير ولعاً شديداً بالموسيقى وجلس لأول مرة على آلة الهاربسكورد (harpsichord) الموسيقية وهو في الثالثة من عمره ليعزف عليها ألحاناً جذبت اهتمام الجميع.
لم تتوقف إبداعات موزارت عند هذا الحد. ففي الخامسة من عمره، وضع الطفل العبقري النمساوي أولى قطعه الموسيقية وتعلم العزف على الكمان. ومع حلول العام 1762 عزف موزارت في العاصمة النمساوية فيينا أمام الأرستقراطيين وأفراد الحاكمة وأثار ذهول الجميع بفضل صغر سنه وإبداعاته، فضلاً عن ذلك أعجبت الإمبراطورة ماريا تيريزا وابنتها ماري أنطوانيت، ملكة فرنسا المستقبلية والتي كانت في السابعة من عمرها، بعزف هذا الطفل النابغة وساندوا طموحاته الفنية المستقبلية.
ما بين عامي 1763 و1766، انطلقت عائلة موزارت في جولة قادتها نحو كبرى مدن أوروبا الغربية، وبفضل ذلك عزف فولفغانغ أماديوس موزارت ـ رفقة شقيقته ماريا آنا ـ بالعديد من كبرى المدن كباريس وجنيف ولندن وليون وميونخ وفرانكفورت وبروكسل. في الأثناء، أثار الطفل العبقري إعجاب وذهول الجميع أينما حل عن طريق عروضه غير المسبوقة والمثيرة للدهشة فكان قادراً على عزف أروع القطع الموسيقية المعروفة حينها على البيانو وهو معصوب العينين، كما أبهر الجميع عقب نجاحه في العزف بيدين متقاطعتين.
أثناء تواجده بلندن سنة 1764، عرض موزارت البالغ من العمر حينها 8 سنوات على المحامي وعالم الأحياء دنيس بارينغتون (Daines Barrington) لاختبار عبقريته بشكل علمي. وإلى ذلك، أثبت موزارت نبوغه الموسيقي واجتاز جميع الاختبارات فعزف بشكل جيد ولافت للانتباه قطعة موسيقية كتب الجزء الأخير منها على النمط الإيطالي وعزف قطعة موسيقى أخرى عن الحب على نمط الأوبرا.
سنة 1770، أنصت موزارت ذو الـ 14 عاماً للمرة الأولى في حياته لموسيقى Miserere mei, Deus، التي يعود تاريخ ظهورها للقرن السابع عشر على يد الراهب والملحن الإيطالي جيورجيو أليغري، أثناء عزفها بكنيسة سيستينا (Sistine Chapel) ليقوم لاحقاً بإعادة كتابتها بعد نجاحه في حفظها من المرة الأولى.
موزارت والعمل في محكمة سالزبورغ من 1773-1777
بعد عودته أخيرًا مع والده من إيطاليا في 13 مارس 1773 ، تم تعيين موزارت كموسيقي في البلاط من قبل حاكم سالزبورغ ، الأمير رئيس الأساقفة هيرونيموس كولوريدو. كان للملحن العديد من الأصدقاء والمعجبين في سالزبورغ وأتيحت له الفرصة للعمل في العديد من الأنواع ، بما في ذلك السمفونيات ، والسوناتا ، والرباعيات الوترية ، الجماهير وغناء وبعض المسلسلات الصغيرة. بين أبريل وديسمبر 1775، طور موتسارت حماسًا لكونشيرتو الكمان ، وأنتج سلسلة من خمسة (الوحيدين الذين كتبهم على الإطلاق)، والتي زادت بشكل مطرد في تطورها الموسيقي. الثلاثة الأخيرة—ك 216, ك 218, ك 219 —هي الآن من العناصر الأساسية في الذخيرة. في عام 1776، وجه جهوده إلى كونشيرتو البيانو، وبلغت ذروتها في كونشرتو ك 271 في أوائل عام 1777، اعتبره النقاد عملاً اختراقًا.
في 12 من عمره، تمكن فولفغانغ أماديوس موزارت من تلحين أكثر من 10 سيمفونيات وعزف للملوك والأباطرة. في الأثناء، لم تدم حياة هذا الملحن النمساوي طويلا حيث فارق الأخير الحياة في ظروف مريبة سنة 1791 عن عمر يناهز 35 سنة، تاركا إرثا ثقافيا هائلا احتوى على أكثر من 600 قطعة موسيقية.
أبرز المراحل الهامة في حياة أماديوس موزارت
- 1770-1773 :زار موزارت إيطاليا 3 مرات وألف مسرحيتين أوبراليتين.
- 1774-1777 :عمل قائداً للأوركسترا في سالزبورغ وألف مزيداً من المسرحيات الأوبرالية
- 1780 :ألف أوبرا (أيدومينو) في ميونخ
- 1782 :تزوج كونستانس فيير ورزق منها بستة أطفال مات 4 وعاش ولدان – ألف أوبرا (انتفوهر ونغ اوس وديم سريال) في فيينا
- 1782-1786 :نظم موزارت 15 حفلة عزف فيها على البيانو
- 1786 :أوبرا زواج فيجارو
- 1787 :أوبرا السيد جوفاني
- 1779 :أوبرا كوزي فان توتي
- 1791 :أوبرا الفلوت السحري
فهرس كوخل كان موزارت أول مؤلف موسيقي يضع فهرساً لأعماله التي نشرت للمرة الأولى عام 1862.
المرض ووفاة أماديوس موزارت
بعد عدم توفر المال الكافي تدهورت أحواله الصحية كما المادية، إلى أن جاء شخص مجهول الهوية متنكرًا إلى موزارت، ويعتقد بعض المهتمين بحياة موزارت بأن ذاك الرجل المجهول هو المؤلف أنطونيو ساليري الذي كان يحقد عليه، وقد جاء إليه عارضاً مبلغًا كبيرًا من المال مقابل أن يؤلف له موسيقى القداس الجنائزى (ريكويم) Requiem . وافق موزارت وبدأ بالتأليف. توفي يوم 5 ديسمبر 1791 بمرض الحمى ولم يكن قد انتهى من تلحين الجناز ويقال بأن أحد طلابه قام بتكملة القداس الجنائزى. دفن بإحدى ضواحي العاصمة النمساوية فيينا، في مقبرة سانت ماركس في 7 ديسمبر بعد وفاته لم يحضر أحد جنازته. وبعد عدة قرون أصبحت موسيقى وصور موزارت تزين شوارع مدينة سالزبورغ في عام 1984 انتج فيلم عن حياة موزارت، وفيه يدعم الإشاعات التي تقول أن سالييري كان سببا في موت موزارت، قام الممثل Tom Hulce في دور موزارت، والممثل F. Murray Abraham في دور ساليري، ورشح الفيلم لـ53 جائزة وفاز بـ40 منها، منها ثماني جوائز أوسكار.
المرض الذي أصيب به موزارت في أواخر أيامه، حسبما ذكرت الدورية الطبية بناء على الدراسة التي أجراها باحث هولندي على رأس فريق بحثي في جامعة أمستردام. فقد تفشى مرض التهاب البلعوم في مدينة فيينا، حيث كان يعيش الموسيقار الكبير عام 1791 وأدى إلى وفاة الكثيرين طبقاً للسجلات الرسمية للمدينة. تتطابق أعراض هذا المرض مع الأعراض التي عانى منها موزارت قبل وفاته، لذا فمن المرجح أن يكون هذا هو المرض الذي تغلب عليه في النهاية. فقد عاني موزارت حسب أقوال معاصريه من التهاب وحمى، تبعهما تورم شديد في منطقة الحلق وتلا ذلك تشنجات وطفح جلدي. وكل هذه الأعراض تنطبق على مرض التهاب البلعوم الذي يمكن أن يؤدي في النهاية إلى التهاب شديد في الكلى، ثم الوفاة. فقد ذكرت زوجة أخيه صوفي هايبل، أن الالتهاب في حلق موزارت كان شديدا بحيث أنه لم يكن يستطيع تحريك رأسه، حتى في السرير لكنه لم يغب أبداً عن الوعي ولم يفقد ذهنه الصافي أبدا.
بعض من اقتباسات فولفغانغ أماديوس موزارت
- “لا ينبغي أبدا أن تكون الموسيقى مؤلمة للأذن حتى في المواقف التي يكون فيها الرعب أعظم، ولكنها يجب أن تبتهج وتغمرها.”
- “يحظى الرجل غير المتزوج بنصف حياة”
- “لا غنى للموسيقى فعليًا عن الشعر، ولكن أن يكون النغم مؤلفًا، من أجل القافية ، هو أمر مدمر.”
- “الحب، ثم الحب، ثم الحب، هو روح الأذكياء .”
- “من المؤسف أن يصدق البشر كل ما يقال لهم، ولكن هذا ما يحث معظم الأحيان.”
- “أنا مجنون. هذا معروف.”
- “لست أسعد أبدًا مما لو كان لدي شيء لأؤلفه، لأن ذلك، بعد كل شيء، هو سعادتي وشغفي الوحيد”.
- “أنا لست طائشًا ولكنني مستعد لأي شيء ونتيجة لذلك يمكنني الانتظار بصبر لأي شيء يخبئه المستقبل، وسأكون قادرًا على تحمله.شكرا لوجودك معنا حتى نهاية هذا المقال من موعود