أذكار الصباح والمساء ينبغي أن يحرص عليها كل مسلم ومسلمة. لأنها حصن حصين تحصّن الإنسان من الشرور. والإنسان يعتريه الكثير من الشرور في هذه الدنيا. هناك مثلاً المسّ والسحر وشياطين الجن والأنس والحسد والعين. وأعظم ما يحصن فيه الإنسان نفسه هي أذكار الصباح. اقرأ هذه المقالة من موعود.
حيث تذكر القصص التاريخية أن مجموعةً من أهل الصلاح والذكر أراد بعض الناس أن يسحروهم فعجزوا وقالو هؤولاء محصنون. كذلك تكررت هذه الحادثة في أكثر من مكان وأكثر من زمان. الإنسان المحصن لا يستطيع أن يضره لا السحرة ولا الحساد عن طريق العين ولا المسّ ولا غير ذلك.
ما هي أذكار الصباح
يُعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه سيد الذاكرين. لذلك علمنا بهذه الأذكار أن نتقرب إلى الله تعالى وأن نتقي السوء ونحفظ أنفسنا و نحفظ بيوتنا. إن المشاكل والإضطرابات التي تصيبنا في حياتنا أساسها البعد عن الله. فما اقترب إنسان من الله وحدث له اضطراب أبداً. على قدر البعد عن الله تزداد المشاكل في الحياة. وعلى قدر القرب من الله يزداد الهدوء والسكينة والإطمئنان والرضا. من هنا فإن أعظم ما يناله الذاكر هو أنه يرضى على قسمة ربه في كل حال.
أذكار الصباح هي مجموعة من الآيات القرآنية والأدعية التي يستحب ذكرها في الصباح لما لها من فوائد في تحصين المسلم. علاوة على زيادة رزقة وتحطيم ذنوبه. بينما توجد هذه الأذكار في العديد من الكتب. ونعرّف منها كتاب “تحفة الأخيار فيما ثبت من الأذكار” للشيخ عبدالعزيز الباز رحمه الله. لهذا السبب فمن يريد أن يضبط هذه الأذكار ويحفظها فلا بأس بقرائتها من هذا الكتاب في البداية وحفظها فيما بعد. الكتاب صغير في حجمه غزير في فائدته. لأن الشيخ نذر على نفسه ألا يذكر في هذا الكتاب إلا ما ثبت إما بإثبات صحيح أو حسن. يمكن أن يعتمد المسلم على هذا الكتاب على الرغم من وجود كتبٍ أخرى ولكنها قد تحوي أحاديث ضعيفة.
ما هو الوقت المناسب لأدائها
الظاهر والعلم عند الله أن أذكار الصباح تبدأ بعد صلاة الفجر. على أي حال يمكن قول الأذكار في أي وقت بعد الفجر. واذا نسيها الشخص فيقولها متى تذكر بشرط أن لا يفوت وقتها. بينما اختلف العلماء في موعد فوات وقتها بعضهم اعتبر أنها تصلح حتى صلاة الظهر. وبعضهم الآخر قالوا أنها تنتهي عند الغروب ويصح قولها بعد الظهر وحتى المغرب. علاوة على ذلك يوجد أذكار في أطراف النهار وفي وسط النهار.
يرى هؤلاء العلماء أيضاً أن الذكر لا يوقت كما في الفرائض الموقتة. مثلاً الصلاة موقته والذكاة موقته والحج موقت أما الذكر فهو يصلح في كل وقت. حتى أثناء العمل والقيام بالأعمال اليومية عند الطعام وعند ارتداء الثياب وعند الوضوء. تقول السيدة عائشة التي كانت تلخص حياة الرسول “كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ علَى كُلِّ أحْيَانِهِ”. أي أنه كان يذكره في كل وقت.
من ناحية أخرى يرى بعض العلماء أن قول الأذكار بعد فوات وقتها تذهب بركتها وتتحول إلى أدعية عادية. في حين يرى آخرون أن الأذكار هي في الصباح والمساء. وتبدأ أذكار الصباح من الفجر وحتى المغرب وأذكار المساء من المغرب وحتى الفجر. وبالتالي فإن قول الأذكار صحيح في كل وقت. حيث ورد في كتاب الله جل وعلا وفي الأحاديث الحث على الذكر وعلى التسبيح في أول النهار وفي آخره. ومنها قوله تعالى “فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ” سورة ق الآية (39). كما يقول أيضاً “فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ۖ .وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ” سورة طه الآية (130). ويقول أيضاً جل جلاله ” وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً” سورة الأحزاب الآية (42).
أهمية أذكار الصباح
ذكر الله تعالى هو أعظم ماتنشرح فيه الصدور وتطمئن به النفوس وتسعد به القلوب. ويقول الله تعالى في كتابه “الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ“. ومهما تنعم القلب بألوان المتع وصنوف الملذات التي يسكن إليها لن يجد سكنا كما يجده في ذكر الله تعالى. لذلك أمر الله تعالى بذكره كثيراً فقال: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا· وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا“.
علاوة على ذلك فقد أوصى بالذكر في مواطن الرهبة والخوف والقلق والإنزعاج. فقال “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا للَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ“. في الحقيقة فإن المواطن التي أمر الله فيها بالذكر كثيرة في كتابه الحكيم وذلك لضرورتها للإنسان. فالقلب لا يبتهج ولا يسكن ولا يطمئن ولا يتلذذ ولا يرتاح بمثل ذكر الله. لذلك يجب على المؤمن أن يحرص على كثرة ذكر الله جل وعلا، ويكون ذكر الله بالقلب واللسان والجوارح. كما يجب أن يكون الإنسان ذاكراً لله تعالى بكل هذه المراتب. بصورة عامة قد يكون الذكر باللسان فقط، فتجد الإنسان يتمتم بذكر الله وتقديسه لكنه غافل القلب. هذا على خير ولكن ليس كالذي جمع بين حضور القلب وعمل اللسان بذكر الله جل وعلا. فأعلى المراتب هو ما اجتمع فيه الذكر بكل صوره لساناً وقلباً.
عندما مرض الرسول صلى الله عليه وسلم مرض الموت وثقل جسمه وأتعبت الحمى جسده. أراد أن يرفع يديه فعجز عن ذلك من شدة الإعياء فطلب من عائشة أن تفعل ذلك به (رضي الله عنها). فأخذت كفيه وقرأت هي فيهما ونفثت فيهما ثم قرأت وجعلت تمسح بكفيه الشريفتين جسده المبارك عليه الصلاة والسلام. وهذا يدل على أهمية الأذكار حيث كان الرسول يقرأ في الصباح والمساء قل هوالله أحد والمعوذتين ثلاث مرات. وكان يقول “تعوَّذ بِهما فما تعوَّذَ متعوِّذٌ بمثلِها” أي ما لجأ إلى الله تعالى وطلب العوذ أي الحماية.
فوائد أذكار الصباح
في الحقيقة يجب المواظبة على كنوز أذكار الصباح التي يقف خلفها عطايا كبيرة في الدنيا والآخرة. بينما تفيد أيضاً في التحصين ضد العين وتديم النعم وتعتبر شكراً لله على نعمه. ولذلك فلو علم المسلم بفوائد الإذكار لأفنى فيها الأعمار والليل والنهار. بناء على ذلك نلخص فوائد الإذكار في النقاط التالية:
- يذكرك الله في الملأ العلن عندما تواظب على ذكره
- قيامك بالذكر يوافق ذكر الملائكة لربها سبحانه وتعالى
- المسلم الذاكر يسبق الناس أجمعين حيث قال الرسول “سبَق المُفرِّدونَ”
- يرزق الله الذاكرين الطمأنينة والسكينة في القلب كما قال سبحانه “أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ“
- يحط الله الخطايا والسيئات للذاكرين. فإنه لا أسرع في حط الذنوب من الذكر
- يعادل الذكر الصدقة بالخيول والإبل والرقيق
- الذاكر سوف يكون في الصف الأول في جنات النعيم
- يقمع الشيطان فلا يوسوس للمسلم الذي حاربه بأفضل سلاح
- الذكر هو حصن الرحمن وأعظم حفظ يحفظ العباد
جاء في مسند أحمد عن سلمان “أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أخَذَ غُصْنًا فنَفَضَه فلم يَنتَفِضْ. ثم نفَضَه فلم يَنتَفِضْ، ثم نفَضَه فانتَفَضَ. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ سُبحانَ اللهِ، والحمدُ للهِ، ولا إلهَ إلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ. تَنفُضُ الخطايا كما تَنفُضُ الشَّجرةُ ورَقَها”.
سألت امرأة مسلمة رسول الله وقد كبرت وسمنت وعجزت عن أداء فرائضها: يا رسول الله أخبرني بشيء أفعله وأنا جالسة. فقال الرسول: ” سبحي الله مئة تسبيحة ؛ فإنها تعدل لك مئة رقبة تعتقينها من ولد إسماعيل. واحمدي الله مائة تحميدة فإنها تعدل لك مائة فرس مسرجة ملجمة تحملين عليها في سبيل الله. وكبري الله مائة تكبيرة فإنها تعدل لك مائة بدنة مقلّدة متقبلة. وهللي الله مائة تهليلة تملأ ما بين السماء والأرض. ولا يرفع يومئذ لأحد عمل أفضل مما يرفع لك إلا أن يأتي بمثل ما أتيت”.